في ندوة "دور المرأة في مواجهة الطغاة"؛ الشيخ أختري: مواقف السيدة زينب عليها السلام تدل على الفهم الحقيقي للتكليف الالهي

بين رئيس الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) أن موقف السيدة زينب (ع) القيادي في حماية العائلة، والحفاظ على الاسرى، والوقوف في وجه الحاكم الظالم وقلب موازين القوى وغيرها من مواقف بطولية، وان دلت على شيء انما تدل على الفهم الحقيقي للتكليف الالهي والمهمات الموكلة اليه.

في ندوة

عقد مركز "الأمة الواحدة" للدراسات الفكرية والاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة عاشوراء الدولية ندوة فكرية تحت عنوان "دور المرأة في مواجهة الطغاة" تخليداً لذكرى عاشوراء الامام الحسين(ع)، والدور الزينبي في نهضة الحسين عليهما السلام.

ونقلا عن وكالة ايكنا، جمعت الندوة ثلة من العلماء والباحثين في الشأن التاريخي والاسلامي من العالمين العربي والاسلامي، والمغتربين في أستراليا وأوروبا وافريقيا.

وافتتحت الندوة بقراءة آيات من الذكر الحكيم للقارىء محمد شحيمي ثم كلمة ترحيبية لرئيس مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية سماحة السيد فادي السيد الذي بين فيها أهمية دور المراة في استنهاض الأمة، والقدرة على مواجهة المستعمرين، مقدماً مقاربة قرآنية للدور الزينبي السمة البارزة في الكلمة عبر نماذج لنساء ورد ذكرهن في القرآن الكريم، كان لهن دور بارز في الثورة على الطغاة،كـ"آسيا ابنة عمران" التي جسدت القدوة الحسنة برفضها للظلم ،وطلبت الخلاص من فرعون لانها تريد الجنة، وكذلك السيدة مريم(س) القدوة في العفاف، كما عرج سماحته على الدور الزينبي من خلال الخصائص التي تمتعت بها العقيلة زينب عليها السلام حيث انها تمتلك شخصية نابغة لايمكن أن نجد لها مثيلاً بكل صفاتها العلمية والعملية، كيف لا، وهي تربت في كنف مدينة العلم وطوت عمراً من الدهر مع أخويها الحسن والحسين (إمامان قاما أم قعدا).

وتابع السيد القول: السيدة زينب(س) امتلكت من العلم ما جعلها تقوم بتدريس علم المنايا والبلايا ويروي أن ميثم التمار والدرمندي من تلاميذها حيث يذكر نور الدين الجزائري في كتابه الخصائص الزينبية ان لها من الفضل يفوق فضل مريم و"آسيا ابنة عمران".

وختم السيد قوله ان معاني الصبر والاباء في شخصية العقيلة والشجاعة التي امتلكتها كانت مثالاً وقدوةً حيث تفوقت بشجاعتها وبيانها على نبي الله موسى الذي ذهب الى فرعون بمؤازرة أخيه، لكن السيدة زينب كانت مصداقاً في الصمود أمام الطاغي، والمحرك الأول للانقلاب على النظام الفاسد بعد واقعة الطف.

وتحدث رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية، "آية الله محمد حسن أختري" عن دور كل من الرجل والمرأة في تحمل المسؤلية، وأداء الأمانة الالهية الملقاة على عاتق كل منهما، في أداء التكليف ليكونا خليفة الله على أرضه، متوقفاً على الدور العظيم والبطولي للعقلية زينب عليها السلام التي تميزت بتكليفها القيادي منذ اليوم الاول في كربلاء، حيث موقفها القيادي في حماية العائلة، والحفاظ على الاسرى، والوقوف في وجه الحاكم الظالم وقلب موازين القوى وغيرها من مواقف بطولية، وان دلت على شيء انما تدل على الفهم الحقيقي للتكليف الالهي والمهمات الموكلة اليه.

وتابع آية الله الشيخ محمد حسن أختري القول إن الشجاعة التي امتلكتها السيدة زينب(س) برزت في مواقفها التنبوئية البارزة في خطبتها أمام يزيد، وقوة البيان التي قدمت فيها هذا التنبؤ، جعل الانقلاب على الطاغية حاصل لا محالة.

وأوضح أن عبارات السيدة زينب(س) ليزيد "والله لن تميت وحينا" كانت مدوية في قصر يزيد وقلبت السحر على الساحر، واعتبر آية الله اختري أن يزيد لعنة الله عليه الذي ظن أن أمامه إمراة ضعيفة مكسورة الخاطر لا ناصر لها، ستكون ومن معها محط شفقة الحضور ليظهر شجاعته وليشرع مسألة قتله للحسين عليه السلام، الا ان العقيلة كشفت ضعفه وقلبت ظنه بانها ابنة علي أمير المؤمنين قاتل المنافقين والفجار، واستطاعت أن تحويل الاسر الى حرية جعلت يزيد أسير فعلته بقتل الحسين، وقلبت عليه جميع الحاضرين في قصره بل وأهل بيته أقاموا عزاء الحسين.

وختم آية الله أختري القول  إن العقيلة زينب(س) مثال للقدوة والاسوة الصالحة، بل هي حجة ومن حجج الله على العالمين، علّمت العالم بأسره كيفية الانتصار للمظلوم، وكيف تحول التهديد الى فرصة.

الشيخ الدكتور عبد القادر ترنني، الاستاذ الجامعي اللبناني والشاعر، استهل كلمته بقصيدة شعرية زينية حملت معاني الحب والولاء والافتخار الزينبي، وقدّم في كلمته أبرز معالم الشخصية الزينبية، حيث امتلاكها للعلم فهي بقول الامام المعصوم "عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة"، فهي حجة الهية من الذين عصمهم الله كالسيدة الزهراء(عليها السلام) كانت أم أبيها، زينب عليها السلام، تلك العالمة اجتمع فيها العلم الدنيوي والاخروي حتى اصبحت منارة وقدوة في الصبر والقيادة رغم انها عاشت كل المآسي والصعاب علمت العالم بأسره أن الاسلام يستحق أن يفدي ببذل الأرواح.

وأضاف الشيخ عبدالقادر ترنني أن الدور الاعلامي الرسالي الذي قامت به حضرة زينب عليها السلام، غيّر معادلات الحرب، ومجريات التاريخ بل وتوقعات الحاكم الأموي الذي اعتبر نفسه منتصراً،فحولت العقيلة زينب(س) نصره الموهوم الى هزيمة وفضيحة تاريخية حفرت قبره وجعلته في اسفل درك الحكام الامويين.

وتحدثت رئيسة المجمع النسائي الاوروبي لاتباع اهل البيت(ع) في ايطاليا، "الدكتورة هويدا جبق" بكلمتها الوجدانية عن معاني القدوة في نهضة عاشوراء، طارحة عدة تساؤلات حول اتخاذ القدوة، ودور المراة في مواجهة الطغاة  واشارت الى دور المرأة في بلاد الاغتراب حيث انها رغم حجم المعاناة تسعى لايصال فكر ال البيت عليهم السلام الى أولادها ومجتمعها.

والاعلامية نوال شداد من استراليا، استهلت كلمتها بقصيدة من وحي الجهاد الزينبي، مقدمة تجربة النساء في الغرب في مواجهة الاستكبار العالمي، وطغاة الاعلام، حيث اتخذن السيدة زينب أنموذجاً رغم مرارة العيش وصعوبة نشر فكر ال البيت عليهم السلام، كما اتخذت النساء من السيدة زينب قدوة استثنائية بظروفها الاستثنائية لتبلغ الحق وتظهر الحقيقة.

والباحث الاسلامي "الشيخ توفيق علوية"، أشار في كلمته الى ثلاث نقاط في شخصية العقيلة زينب عليها السلام، توضيحية من منظور قرآني، تصحيح مصطلح الرجولة والذكورة، مؤكداً أن الرجولة تعني الصلابة والشدة والموقف السديد، وهذا يشمل المرأة ايضاً، وقد جسدت هذا المعنى السيدة زينب عليها السلام في معركة الطف، كما قدم عدة مقومات لتكوين شخصية العقيلة منها الكفاءة العلمية فهي تتلمذت على يدي الامير والحسن والحسين، واما من ناحية الحسب والنسب فهي من نسب هاشمي علوي، ولفت الى ان معيار الزواج الناجح او الاسرة الناجحة شكلت السيدة زينب عليها السلام اسرة عظيمة قدمتها شهداء بين يدي الحسين(ع) في كربلاء.

واضاف أن المعايير الاخرى التي تجسدت بالسيدة زينب الكبرى فهي الصبر والشجاعة والقدوة،كما السيدة زينب تجلت بكامل عفتها في مجلس يزيد وهدمت اركان جبروته بخطبتها المشهورة واوضح أن البعض يخلط ان السيدة زينب(س) اعلامية، فهي ليست كذلك بل ان الرسالية الاعلامية جزء من مهامها التبليغية، والتبليغ مصداقه الاعلام.

والشيخ محمد عز الدين، الأستاذ في جامعة المصطفى(ص) العالمية تحدث عن البعد الفكري للنهضة الحسينية، معتبراً أن المشكلة التي يعيشها الناس من ضياع وابتعاد عن الحق تعود للمشكلة الوجودية والنظرة للدين، واستخفاف الانسان بارتكاب الذنوب مشيراً الى أن الدين رؤية كونية شمولية يساهم في بناء الانسان الحقيقي من خلال القيم السامية والمعاني الهادفة لكرامة الانسان.

واختتمت الندوة بتوصيات لرئيسة قسم الدراسات في مركز الامة الواحدة، أكدت فيها على دور العقيلة زينب عليها السلام المهم، والتي غيرت من خلاله قواعد المعركة الاستراتيجية لواقعة الطف، وحركت الجمهور لكي ينقلب على يزيد الحاكم الطاغية، من خلال شموخها، وامتلاكها الشخصية القيادية بكافة جوانبها.

وختمت بالقول: "كم نحن بحاجة الى زينبيات رساليات، فبجانب كل رجل عظيم امراة هكذا تاريخنا العربي والاسلامي خاصة، النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله كانت بجانبه سيدة قريش الاولى، والامام علي(ع) كانت السيدة  فاطمة الزهراء المدافعة الاولى عن استمرارية النبوة والامامة، ومع الحسين(ع) نجد العقيلة زينب،كل ذلك من نتاج الثورة الانسانية القرآنية المحمدية، فثورة الحسين(ع) ثورة انسانية بامتياز خرجت لاجل خليفة الله ومشروع الله على الارض.

وختمت الدكتورة طبوش، بالشكر الجزيل لكل من ساهم في انجاح هذا اللقاء ، وعمل على اعداد مادته ،والشكر موصول للمشاهدين والمتابعين ،والمنظمين، كما واكد رئيس مركز الامة الواحدة على أن الدور الزينبي يتجسد اليوم في أمهات وزوجات وعوائل الشهداء على امتداد العالم الاسلامي والعربي المقاوم في حربه مع محمور الشر، جاء هذا التاكيد رداً على مجموعة أسئلة وجهت من المحاضرين لسماحته خلال الندوة.

تماس با ما

موضوع
ایمیل
متن نامه
5+7=? کد امنیتی