وضمّت الندوة عدداً من رجال الدين المسلمين والمسيحيين ونخبة من المفكرين والباحثين والادباء حول العالم العربي والاسلامي والمجتمع الاوروبي.
وانطلقت الندوة بتلاوة قرآنيّة للقارىء السيد عباس شرف الدين، وآيات من الانجيل المقدس للأخ آلان الاسطة وكلمة ترحيبيّة لرئيس مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية السيد فادي السيد مقدّما التهاني والتبريكات بمناسبة ذكرى مولد السيدة زينب عليها السلام وذكرى ميلاد النبي عيسى بن مريم عليهما السلام.
وخلال كلمته الترحيبية، ركز سماحته على الدور الريادي والرسالي للانبياء في دعوتهم الى الله سبحانه وتعالى، مميّزًا بين الحرية كمفهوم غربي والحرية بمفهومها الديني في الرسالة الالهية حيث الحرية التي دعا اليها الغرب لا تنسجم مع الفطرة الانسانية السليمة وان العقل يرفض ان يخضع الانسان الى العبودية تحت شعار التحرر وتشويه صورة الانسان المجعولة لتطبق التعاليم والاخلاقية الالهية.
ولفت السيد فادي السيد الى ان الحرية بالمفهوم الديني فهي الحرية التي تسعى لتحرير الانسان من عبودية نفسه المتناغم مع فطرته الداعية لتحقيق العدالة الانسانية ومساندة المظلومين ومحاربة الفاسدين كما تطرّق السيد فادي السيد الى مفهوم الحرية السياسية والدفاع عن المظلومين عارضًا مظلومية الشعب الفلسطيني واليمني والبحريني وحتى الشعب الافريقي الذي يعاني الجوع والفقر واضاف ان من ينادون بالحرية هم الاستكبار العالمي الذي يعمد على قتل حرية الاخرين.
وقد وجّه سماحته تحيّة اكبار واجلال للمطران عطا الله حنا على الدور الريادي الذي يمارسه في الدفاع عن المقدسات في فلسطين المحتلة لاسيما في القدس المحتلة وختم بجملة من التوصيات التي من شانها رفع المظلومية عن الشعوب المستضعفة ومساندة المظلومين داعياً رجال الدين المسلمين والمسيحيين لتضافر الجهود في رفع الحرمان عن المستضعفين وتطبيق التعاليم الدينية بالافعال لا بالاقوال والتصدي للفساد ومواجهة الاستكبار والاستعمار العالمي بقوة فلا سبيل لتحقيق هذا والخروج من كافة الازمات الا بالتعايش الحقيقي وترجمة النصوص والتعاليم الدينية بالتطبيق العملي ...شاكرًا الجميع على مشاركتهم وحضورهم الفعّال واكد أن منبر مركز الأمة الواحدة مفتوح لكلّ الاقلام الواعدة والافكار النيّرة الساعية لرفع مستوى الوعي لدى ابناء المجتمع.
وخلال كلمته الافتتاحيّة وبعد التهنئة والتبريك تحدث "آية الله الشيخ محمد حسن أختري"، رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية عن الأهداف التي من أجلها أرسل الله رسله الى الناس. اذ انهم قاموا مقام التبشير بتعاليم الله،منذرين ومحذرين الناس من الضلالة والوقوع في مستنقع الجهل والظلام وما رسالة الاديان كافة الا لسعادة الانسان وانقاذه من الظلمة الى النور وتحقيق العبودية لله الواحد.
كما أشار سماحته إلى الابعاد الروحية في العلاقة بين الانسان وربه من ناحية الحياة الاجتماعية التي يعيشها الانسان مع محيطه الاجتماعي حيث يعيش المجتمع اليوم معضلات كبيرة كالفقر والجوع وتفشي الامراض والحروب المتنقلة من بلد لاخر مقدماً أمثلة متعددة حول الاستضعاف الذي يشهده اليمن من قتل وتشريد وافريقيا من فقر وجوع وموت.
واضاف انه رغم كل ذلك نجد هذه الشعوب صابرة تصارع للبقاء وتناهض من أجل تحريرها من عبودية الاستكبار العالمي ودعا الشيخ أختري للتوحيد بين الاديان والمذاهب في تأدية الحقوق الاجتماعية ومساندة الناس ورصّ الصفوف والوقوف جنبًا الى جنب لحلّ المشاكل الاجتماعية وإبعاد الناس عن الضلالة والتصدي لمواجهة العدو المستعمر لاسيما في فلسطين واليمن وشعوب محور المقاومة، خاتماً قوله بالتاكيد على ضرورة التكاتف ووحدة الكلمة في مواجهة الحركات الاستكبارية العالمية.
وبدورها، تحدثت رئيسة المجمع النسائي الاوروبي لاتباع أهل البيت عليهم السلام في ايطاليا "الدكتورة هويدا جبق" في كلمة تعريفية حول المجمع النسائي من حيث النشأة والانشطة التي يقومون فيها لاسيما الدور الرسالي الذي تقوم به السيدات في أوروبا، مقدمة انموذج التربية الاسرية في المجتمع الاوروبي الاسلامي والمسيحي حيث لا يوجد اختلاف في التربية والقيم الاخلاقية بين الاسلام والمسيحية. واكدت الحاجة اليوم تحتم على الجميع التطبيق العملي والممارسة الفعلية لهذه التعاليم مشيرة الى أن المسجد والكنيسة كلاهما المربي للاسرة الصالحة.
ومندوب الفاتيكان السابق في ايطاليا القسيس ميكل موزا تحدث في كلمته باللغة الايطالية المترجمة الى اللغة العربية عن البعد العقائدي في قضية السيد المسيح وما يمثل مسيحيًا، متاخذًا ادلة وبراهين من الانجيل المقدس حول ولادته عليه السلام ،كما وطرح مسالة التواضع من خلال القيمة الروحية العالية التي تشكل المنطلق للنفوذ الى قلوب الاخرين، مؤكداً أن التواضع يمكن يساعد الانسان ليرى النور الحقيقي في التعاليم الدينية.
وختم قوله بالاشارة الى المأساة التي يتعرض لها الانسان ومعاناته الاجتماعية وشدد على ضرورة مساندة الانسان اينما وجد وفقا لتعاليم الاديان ورسالة عيسى المسيح(ع) الاخلاقية.
والأب انطوان ضو الامين العام للجنة الأسقفية للحوار الاسلامي المسيحي في لبنان تحدث عن رتبة الخلاص الكبيرة التي وصلت اليها البشرية بولادة عيسى المسيح مؤكداً أن ميلاد عيسى بن مريم يعتبر عيدًا للسلام والرحمة عيدًا لخلاص الانسان من الصنميّة الذاتية والعودة لجوهر وروح الاديان، داعياً رجال الدين واللاهوتيين والفقهاء من المسلمين والمسيحيين لوقفة محبة ورحمة لصياغة التعاليم الاخلاقية الدينية بصيغة جديدة تتوافق مع الحيل الجديد والتكلم بلغة الاجيال الجديدة لنتمكن من محاكات عقولهم وقلوبهم ومساندتهم في ايجاد طريقهم نحو النور والسلام.
واعتبر ان الاسلام والمسيحية رسالتين ساميتين ليستا الا رسالة واحدة في الحبّ والتسامح والسلام، مشدداً على ضرورة التقارب والتقريب بين ابناء المنطقة الواحدة والبلد الواحد،كما وجه تحيّة لفلسطين والقدس بلاد ومهد المسيح مطالباً بالحفاظ على القدس الشريف ومساندة الشعب الفلسطيني الصامد.
وتعاقبت الكلمات، فكانت كلمة لرئيس المركز الدولي لحوار الأديان الدكتور الشيخ محمد مهدي التّسخيري بيّن فيها أهمية الحوار والأسس والمنطلقات التي يجب مراعاتها واتباعها لتقديم الانموذج الحضاري الراقي في رسالة الاديان السماويّة، معتبرا ً أن الأديان كانت ولا تزال تدعو للحوار والمحبة والتسامح والتعايش المشترك، وما دعوة ورسالة الانبياء الا لصلاح الفرد الانساني وتحقيق سعادته في الدنيا والاخرة ليصل الى كماله وتكامله مع نفسه ومع الاخرين.
ودعا فضيلته الجميع لاقامة جسور المحبة وتوطيد العلاقات الانسانية بالمودة والتحاور من خلال العودة إلى تعاليم الانبياء والمرسلين خاصة رسالة نبيّ الاسلام محمد صلى الله عليه واله والنبي عيسى بن مريم عليه وعلى أمه السلام.
كما اعلن موقفه الرافض للاساءة للانبياء والمقدسات تحت ذريعة الحريّة مؤكداً أن هذه الحرية مرفوضة اذا أشاعت الفتنة وأثارت الضغينة بين أبناء المجتمعات لان الحرية قيمة قيّمة ومهمة جدًا في كافة الاديان.
وخلال كلمة له أكد الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي في لبنان الشيخ بلال سعيد شعبان على مفهوم الشراكة من خلال القيمة الاخلاقية الساميّة التي جاءت بها الرسالات السماويّة لخدمة الانسان واكد أن الشراكة كالماء والهواء والتراب بالنسبة لابناء المجتمعات لابد من المحافظة عليها للارتقاء الانساني واستمرارية الحياة الكريمة بعيداً عن التعصب والضغينة، مركزًا على ضرورة التكامل والانسجام الاجتماعي بمحبة حضرة النبي محمد صلى الله عليه واله ورحمة حضرة النبي عيسى بن مريم عليه وعلى أمّه السلام فكلاهما أرْسلا رحمة للناس لارشادهم الى طريق الخير والصلاح .
واعتبر فضيلته ان الاحتفالات بمواليد الانبياء والمرسلين ما هي الا احتفالات ببدايات خير البشرية رحمة ومحبة وسلام، معلنًا موقفه الرافض للانتهاكات التي يقوم بها الاستكبار العالمي ضد الشعوب المستضعفة سواءً في فلسطين أو اليمن مؤكداً على ضرورة تضافر الجهود للتصدي ومقاومة كل احتلال واستعمار ..
والباحث الاسلامي الشيخ توفيق علوية قدّم مقاربة قرآنية لثنائية البشارة والرحمة معتبراً ان البشارة مصطلح قرآنيّ استخدم للتعريف على رسالة حضرة نبي الله عيسى بن مريم. عليه وعلى أمه السلام.
واضاف ان الرحمة القرآنيّة مصطلح عبّر عنه القرآن الكريم لحضرة نبيّ الاسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله مبيّناً أهداف وغايات هذين المصطلحين على صعيد الفرد والمجتمع، كما أشار إلى قيمة المرأة في الاسلام من خلال القرآن الكريم مقدّماً أنموذج القداسة التي جعلها الله تعالى لحضرة السيدة مريم ابنة عمران والدة النبي عيسى عليهما السلام، ،ا ذ انها حافظة سرّ النبوة وطهارتها وعفتها وتربيتها مهدت ليكون نبي الله من صلبها، مؤكدًا ان معجزات النبي عيسى في نطقه بمهده من اجل الدفاع عن عفة وكرامة أمه بعد اتهامها بشرفها وطهارتها مبيّنًا المميزات التي تحظى بها المرأة في الرسالة الالهية ودعا الى التمسك بالقيم الاخلاقية التي دعت اليها الرسالات السماوية بالقول والفعل والعمل وعدم اتخاذ استغلال الاديان في المصالح الشخصية.
والاعلامي والناشط السياسي الأستاذ محمود موالدي من سوريا ركّز في كلمته على نقطتين أساسيتين الاولى حول التجربة السماوية الريادية الارسالية التي اعتمدت على الحوار والتلاقي وصولا للرحمة التي هي اساس ومحورية الرسالة السماوية والميزان لكافة النهضات الايمانية لتطوير الذات الانسانية والمجتمع للوصول الى الكمال وتحقيق عملية الالتقاء والتقارب الانساني والتطريز الذهني..
وتحدث في النقطة الثانية عن دور الانبياء والأئمة عليهم السلام الكامن في تطوير الذات البشرية من خلال تقديم الحجج والبراهين واظهار الحق، مؤكداً ان معجزات الانبياء الهدف منها اظهار المعلومات والادلة الالهية لحقبة تاريخية حملت العديد من التشويه للدين وتضليل الحق وانحراف الناس عن بوصلتهم نحو الله تعالى ..ليعيد الناس الى جوهر الرسالة الحقيقية وأشار الى النضال الفكري الذي يتطلب اليوم تفحصاً دقيقاً في المسيرة الياسوغيّة من جهة واليقين بالمسيرة المحمدية الشريفة والنهضة الحسينيّة الواصلة من جهة أخرى، مؤكداً على الادوار المهمة التي يقوم بها المثقف ذو البصيرة والعقيدة الراسخة في مجتمعه. فهو رسول الثقافة الذي يتحمل مجمل الاعباء التفصيلية ليصل الى جوهر اليقين الفاعل ولفعّال لايصال المجتمع الى جادة الصواب معتبرًا أن الحرب اليوم حربًا عقائدية فكرية تطبعت بطابع الحرية لضرب الايمان والديموقراطية لزعزعة الاستقرار والتمدن واليقين الحيّ في كل فرد منا فنحن اصحاب الشرق النابض بمحمل الغقائد السماوية وفي ختام كلمته دعا لتطوير الخطاب الديني ووضع ابجديات جديدة مواكبة لظواهر التنوير ،والتوحد والعمل الجاد كمسلمين ومسيحيين للارتقاء الانساني والمجتمعي نحو كمالاته والتصدي للغزاة الغابرين وادواتهم الاستكبارية.
والدكتورة زهراء كيووم مسؤولة قسم الاعلام في المجمع النسائي الاوروبي (فرنسا)تحدثت في كلمتها باللغة الفرنسية (المترجمة للعربية) عن ثلاث نقاط رئيسية خاتمة بتوصيات يحب مراعاتها خدمة للاجيال القادمة..من بينها التربية الدينيّة التي عاشتها في طفولتها والمسار الديني في التربية من خلال التعاليم المسيحية التي تربت عليها في اسرتها المسيحية وممارسة الطقوس العبادية في البيت والكنيسة.
مشيرة الى ان الحركة التنويرية التي جعلتها تعتنق الاسلام دون ان تلاحظ الفرق بين الاصل الاولى للتعاليم السماوية والقيم الدينية ورات ان الاسلام والمسيحية من اصل واحد والرب هو واحد والدعوة الى توحيده واحدة، مؤكدة ان التعليم المسيحية التي نشأت عليها في صغرها مهّد لاعتناقها الاسلام من خلال دراستها المعمّقة لايات الانجيل العقائدية الداعية لوحدة الاله حيث قدمت نموذجين من الانجيل -نشيد مريم المقدسة نقلا عن القديس لوقا وعظة المسيح على الجبل المذكورة في انجيل متّى.
المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.
أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.
قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.